شبهة نسبة الضحك لله

الكافي - الشيخ الكليني - ج٥ - الصفحة ٥٤: ((عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن ابن فضال، عن أبي جميلة، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): يضحك الله عز وجل إلى رجل في كتيبة يعرض لهم سبع أو لص فحماهم أن يجوزوا)).


الجواب الحلي

قول العلماء في أخبار الضحك

1- تعليق الحر العاملي ـ وسائل الشيعة ج15 ص142: ((أقول الضحك هنا مجاز، ومعناه إن الله يرضى بفعل هذا الرجل ويحبه ويثيبه عليه، ويأتي في فعل المعروف ما يدل على ذلك)).

2- تعليق العلامة المجلسي في كتابه مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول ج 18 ص 398: ((الضحك كناية عن الإثابة واللطف فإن من يضحك إلى رجل يحبه ويلاطفه ويكرمه ، والغرض مدح من دفع ضرر سبع أو لص عن جماعة من المسلمين حتى يجوزوا عنهما سالمين)).


خبر يزيل الاشكال

لقد ورد خبر في عن الإمام في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق ينسف هذه الشبهة، وهو كالآتي: ((قال وهب بن وهب القرشي: وحدثني الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه الباقر عن أبيه عليهم السلام أن أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي عليهما السلام، يسألونه عن الصمد فكتب إليهم: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد فلا تخوضوا في القرآن، ولا تجادلوا فيه، ولا تتكلموا فيه بغير علم، فقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من قال في القرآن بغير علم فليتبوء مقعده من النار، وإن الله سبحانه قد فسر الصمد فقال: (الله أحد. الله الصمد) ثم فسره فقال: (لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد). (لم يلد) لم يخرج منه شئ كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين، ولا شئ لطيف كالنفس، ولا يتشعب منه البدوات كالسنة والنوم و الخطرة والهم والحزن والبهجة والضحك والبكاء والخوف والرجاء والرغبة والسأمة والجوع والشبع، تعالى أن يخرج منه شئ، وأن يتولد منه شئ كثيف أو لطيف. (ولم يولد) لم يتولد من شئ ولم يخرج من شئ كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها كالشئ من الشئ والدابة من الدابة والنبات من الأرض والماء من الينابيع و الثمار من الأشجار، ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين والسمع من الأذن والشم من الأنف والذوق من الفم والكلام من اللسان والمعرفة والتميز من القلب وكالنار من الحجر، لا بل هو الله الصمد الذي لا من شئ ولا في شئ ولا على شئ، مبدع الأشياء وخالقها ومنشئ الأشياء بقدرته، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيته، ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال، ولم يكن له كفوا أحد)). التوحيد - الشيخ الصدوق - الصفحة 90و91.


تأصيل في المسألة

وأي خبر يخالف ما يوافق العقل والأخبار المروية الثابتة عن خواص الائمة يحتمل أمرين، يأما يؤول أو نأخذ بما خالف العامة (أي بما خالف أهل السنة البكرية)، وذلك لتواتر ما ورد عن الأئمة أنّه اذا تعارض الخبران فما خالف العامة ففيه الرشاد.


الجواب النقضي

صفة الضحك عند السنة

قال الشيخ الفوزان: ((قد بيَّن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في آخر الحديث سبب ذلك في قوله: (يقاتل هذا في سبيل الله ـ عز وجل ـ فيستشهد، ثم يتوب الله على القاتل فيسلم، فيقاتل في سبيل الله ـ عز وجل ـ فيستشهد) ، وهذا من كمال إحسان الله سبحانه وسعة رحمته، فإن المسلم يقاتل في سبيل الله فيقتله الكافر فيكرم الله المسلم بالشهادة، ثم يمن الله على ذلك الكافر القاتل فيهديه للإسلام فيدخلان الجنة جميعًا. فهذا أمر عجيب، والضحك يكون من الأمور المعجبة التي تخرج عن نظائرها)). شرح العقيدة الواسطية للشيخ الفوزان (س، ج) - المجلد2 - الصفحة64 - جامع الكتب الإسلامية.

قال الشيخ عبد العزيز الراجحي: ((قوله: (حتى يضحك الله منه): فيه إثبات الضحك لله -عز وجل- وهو من الصفات الفعلية. وقد أنكر أهل البدع صفة الضحك لله تعالى، وتأولها بعضهم بالرضا أي أنه -رضي- عليه، وهذا باطل فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أعلم الناس بربه أثبت لربه الضحك، وهو ضحك لا يشبه ضحك المخلوق، يليق بجلال الله وعظمته، ولا نعلم كيفيته)). شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري للراجحي - المجلد 1 - الصفحة 68 - جامع الكتب الإسلامية.

وقيل أنه قال في كتابه شرح كتاب الرد على الزنادقة: ((يضحك الله، له صفة الضحك والعجب والرحمة والرضا والغضب إلى غير ذلك من الصفات، كلها ثابتة لله)).