شبهة مبايعة علي بن الحسين للطاغية يزيد
نص الشبهة: ((ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن بريد بن معاوية قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: إن يزيد بن معاوية دخل المدينة وهو يريد الحج فبعث إلى رجل من قريش فأتاه فقال له يزيد: أتقر لي أنك عبد لي، إن شئت بعتك وإن شئت استرقيتك فقال له الرجل: والله يا يزيد ما أنت بأكرم مني في قريش حسبا ولا كان أبوك أفضل من أبي في الجاهلية والاسلام وما أنت بأفضل مني في الدين ولا بخير مني فكيف أقر لك بما سألت؟ فقال له يزيد: إن لم تقر لي والله قتلتك، فقال له الرجل: ليس قتلك إياي بأعظم من قتلك الحسين بن علي (عليهما السلام) ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأمر به فقتل.
(حديث علي بن الحسين (عليهما السلام) مع يزيد لعنه الله) ثم أرسل إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) فقال له: مثل مقالته للقرشي فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): أرأيت إن لم أقر لك أليس تقتلني كما قتلت الرجل بالأمس؟ فقال له يزيد لعنه الله: بلى فقال له علي بن الحسين (عليهما السلام): قد أقررت لك بما سألت أنا عبد مكره فإن شئت فأمسك وإن شئت فبع، فقال له يزيد لعنه الله: أولى لك حقنت دمك ولم ينقصك ذلك من شرفك)). الكافي - الشيخ الكليني - ج ٨ - الصفحة ٢٣٤و٢٣٥.
الجواب الحلي
وجدنا في حاشية التحقيق بهامش رقم (1) ما يلي: ((هذا غريب إذ المعروف بين أهل السير أن هذا الملعون بعد الخلافة لم يأت المدينة بل لم يخرج من الشام حتى مات ودخل النار ولعل هذا كان من مسلم بن عقبة والى هذا الملعون حيث بعثه لقتل أهل المدينة فجرى منه ما في قتل الحرة ما جرى وقد نقل انه جرى بينه وبين علي بن الحسين (عليهما السلام) قريب من ذلك فاشتبه على بعض الرواة. (آت) هذا الاحتمال في غاية البعد فان مسلم بن عقبة لم يكن قرشيا. ثم إن المسعودي روى عكس ذلك قال إن مسلم بن عقبة لما نظر إلى علي بن الحسين (عليه السلام) سقط في يديه وقام واعتذر منه، فقيل له في ذلك فقال قد ملا قلبي منه رعبا)).
وكذا كيف يقول الحسين والله لا أعطي بيدي اعطاء الذليل ولا أفر فرار العبيد؟ وبعدها يحدث هذا؟
وفي حاشية شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٣٢٠: قوله: (وهو يريد الحج) ذكر العلماء الأصوليون من علائم كذب الخبر عدم تواتر ما من شأنه أن يتواتر ومثلوا لذلك بخبر سقوط المؤذن من المنارة يوم الجمعة في المسجد الجامع إذا لم يتواتر، ووجود بلد عظيم بين بغداد وسرمن رآه لم يره أحد، وسفر يزيد إلى الحجاز لم ينقله أحد ولو كان حقا بتواتر واستوجه العلامة المجلسي (رضي الله عنه) بسهو الراوي واشتباه يزيد بمسلم بن عقبة وهو خلاف عبارة الرواية فإن مسلم بن عقبة لم يكن قريشا، والظاهر سراية السهو إلى المتن أيضا والصحيح ما في مروج الذهب أن مسلم بن عقبة لما نظر إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) سقط في يديه وقام واعتذر منه وأرجعه بتكريم وقيل له رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه فلما أتي به إليك رفعت منزلته فقال ما كان ذلك لرأي مني لقد ملىء قلبي منه رعبا (ش).)).
وقد قال المجلسي: ((قوله عليه السلام : «دخل المدينة وهو يريد الحج» هذا غريب إذا لمعروف بين أهل السير إن هذا الملعون بعد الخلافة لم يأت المدينة بل لم يخرج من الشام، حتى مات ودخل النار، ولعل هذا كان من مسلم بن عقبة، وإلى هذا الملعون حيث بعثه لقتل أهل المدينة فجرى منه في قتل الحرة ما جرى، وقد نقل أنه أجرى بينه وبين علي بن الحسين عليهما السلام قريب من ذلك، فاشتبه على بعض الرواة.
قوله لعنه الله : «أولى لك» قال الجوهري: قولهم أولى لك تهدد ووعيد ، وقال الأصمعي: معناه قاربه ما يهلكه، أي نزل به انتهى، وهذا لا يناسب المقام وإن احتمل أن يكون الملعون بعد في مقام التهديد ، ولم يرض بذلك عنه عليه السلام ، ويحتمل أن يكون مراده أن هذا أولى لك وأحرى مما صنع القرشي)).
الجواب النقضي
ولو سلَّمنا بصحَّة الخبر فهذا الفعل غير مستبعَد من يزيد بن معاوية، فقد روى الواقدي كما حكاه ابن كثير في البداية والنهاية أن مسلم بن عقبة دخل المدينة، فدعا الناس لبيعة يزيد على أنهم خِوَل ليزيد بن معاوية، يحكم في دمائهم وأموالهم
وقال ابن حجر في الإصابة 6/232 في ترجمة مسلم بن عقبة: ((وقد أفحش مسلم القول والفعل بأهل المدينة، وأسرف في قتل الكبير والصغير حتى سمَّوه مسرفاً، وأباح المدينة ثلاثة أيام لذلك، والعسكر ينهبون ويقتلون ويفجرون، ثم رفع القتل، وبايع من بقي على أنهم عبيد ليزيد بن معاوية)).