شبهة أن علي أكرم عائشة يوم الجمل
الجواب الحلي
لم نجد خبر معتبر على هذا، بل وجدنا خبر في كتاب مدينه المعاجز - ج3 ص413: ((فقال الحسن - عليه السلام - (والله) لقد اخبرني جدي رسول الله - صلى الله عليه وآله - تموتين بالداء والدبيلة وهي ميتة أهل النار وإنك تصيرين أنت وحزبك إلى النار. فقالت: يا حسن ومتى؟ فقال الحسن - عليه السلام: حيث أخبرك بعداوتك عليا أمير المؤمنين - عليه السلام - وانشائك حربا تخرجين فيها عن بيتك متأمره على جمل ممسوخ من مردة الجن يقال له بكير وانك تسفكين دم خمسة وعشرين ألف [رجل] من المؤمنين الذين يزعمون انك أمهم)).
تعليق: كيف علي يكرم اهل النار.
الجواب النقضي
ورد في كتاب جمل من أنساب الأشراف للبلاذري - ط1 - إشراف مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر، بيروت - ج3 ص972: ((حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، حدثنا أبو النضر، حدثنا إسحاق بن سعيد، عن عمرو بن سعيد، حدثني سعيد بن عمرو: عن ابن حاطب قال: أقبلت مع علي يوم الجمل إلى الهودج وكأنه شوك قنفذ من النبل، فضرب الهودج؛ ثم قال: إن حميراء إرم هذه أرادت أن تقتلني كما قتلت عثمان بن عفان. فقال لها أخوها محمد: هل أصابك شيء؟ فقالت: مشقص في عضدي. فأدخل رأسه ثم جرها إليه فأخرجه)).
في هذا الخبر الوارد في كتب السنة تبين لنا أن علي عليه السلام لم يكرم عائشة، بل أهانها بطريقة قاسية، حيث ضرب الهودج وقال: ((إن حميراء إرم هذه أرادت أن تقتلني كما قتلت عثمان بن عفان)).
والسند صحيح لا غبار عليه، وفي السند: ((حدثنا إسحاق بن سعيد، عن عمرو بن سعيد))، وهو تصحيف! فالخطأ يكمن بوجود (عن) والصحيح (بن)، ودليل ذلك هو وجود السند (أكثر من مرة) بشكله الصحيح في نفس الكتاب أعني أنساب الاشراف - ط1 - مؤسسة الأعلمي، بيروت - ج2 ص138: ((حدّثني عمرو بن محمَّدٍ النَّاقِد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا إسحاق ابن سعيدِ بن عمرو بن سعيد بن العاص، عن أبيه...)).
والدليل الآخر هو وجود الخطأ في خارج كتاب أنساب الاشراف للبلاذري مع شهادة المحققين لكتب أهل السنة البكرية بأن هذا خطأ في النقل! فقد قال المحقق أحمد محمد شاكر في تحقيقه لمسند احمد - ج5 ص354 هامش: 6039: ((إسحق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص ابن أمية: سبق توثيقه وذكر نسبه هذا في 5680، ووقع هنا خطأ في ذلك في الأصول الثلاثة، ففي ح م "إسحق بن سعيد عن عمرو بن سعيد بن العاص" بذكر "عن" بدل "بن" بين "سعيد" و"عمرو"، وهو خطأ ظاهر، وفي ك "إسحق بن سعيد عن عمرو عن ابن عمر"، وهو خطأ أيضاً، زاده خطأ حذف باقي النسب)).
والسند رجاله ثقات منهم رجال البخاري ومسلم! واليكم مختصر ترجمة هؤلاء الرجال.
الراوي الأول وردت ترجمته في سير أعلام النبلاء للذهبي - ط3 - مؤسسة الرسالة - ج12 ص130و131: ((أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي (م، د، ت، ق) الحافظ، الإمام، المجود، المصنف، أبو عبد الله العبدي، أخو الحافظ يعقوب، ووالد المحدث الثقة عبد الله بن أحمد... قال أبو حاتم: صدوق))، وأما أبو النظر ففي م نفسه - ج9 ص545و546: ((هو: الحافظ، الإمام، شيخ المحدثين، أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي، الخراساني، ثم البغدادي، قيصر، من بني ليث بن كنانة، من أنفسهم))، وإسحاق بن سعيد وردت ترجمته في تهذيب التهذيب لابن حجر - ط1 - دار الفكر - ج1 ص204و205: ((خ م د ت ق (البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي وابن ماجة) إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص... روى عن أبيه وعكرمة بن خالد... وعنه ابن عيينة وأبو داود الطيالسي ووكيع وأبو النضر وأحمد بن يعقوب المسعودي... قال أحمد ليس به بأس وقال أبو حاتم شيخ وهو أحب إلي من أخيه خالد وقال النسائي ثقة... وقال الدارقطني ليس به بأس وذكره ابن حبان في الثقات في الطبقة الرابعة))، وكذا سعيد بن عمرو وردت ترجمته في التعديل والتجريح للباجي - ط1 - دار اللواء، الرياض - ج3 ص1091 رقم: 1285: ((سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص... أخرج البخاري في الوضوء والسير والعيدين والحدود عن ابنيه إسحاق وخالد وابن ابنه عمرو بن يحيى بن سعيد... وذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة من أهل الكوفة قال وسألت عنه بن مندة فقال هو الأول قال أبو زرعة وأبو حاتم هو ثقة)).
وأما ابن حاطب، فهو الصحابي محمد بن حاطب الجمحي، فقد قال البلاذري في أنساب الأشراف - دار المعارف، مصر - ج1 ص213: ((ويقال: إن المهاجر حاطب وحده، وإن محمدا ابنه ولد في بلاد الحبشة، وكان محمد يكنى أبا إبراهيم. ومات بالكوفة فِي ولاية بشر بْن مروان. وكان قد شهد مع علي عليه السلام مشاهده كلها)).
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء - ط3 - مؤسسة الرسالة - ج3 ص435: ((محمد بن حاطب بن الحارث الجمحي (ت، س، ق) ابن معمر بن حبيب الجمحي. مولده: بالحبشة، هو وأخوه الحارث، فتوفي أبوهما هناك. وجدهم حبيب من كبار قريش، وهو ابن وهب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب. وأمه: من المهاجرات، وهي أم جميل بنت المجلل. وله: صحبة، وحديث في الدف في العرس. ويروي عن: علي أيضا)).
واليكم توثيق البلاذري في مقدمة التعريف عن المؤلف في كتاب فتوح البلدان للبلاذري - دار ومكتبة الهلال، بيروت - ص5 ومايليها: ((هو المؤرخ، النسابة، الرحالة، الرواية الثقة، المحدث، الأديب الشاعر أبو الحسن أحمد بن يحيى بن جابر بن داود المعروف بالبلاذري... نشأ في بغداد، ووقف حياته على العلم والأدب والمعرفة، وجاب البلدان وطوّف في أنحاء المعمورة باحثا ومنقبا ودارسا... افتتح البلاذري ندوة علمية ارتادها طلاب العلم والمعرفة وتخرج منها علماء وفقهاء وأدباء)).