شبهة سحر النبي

الجواب الحلي

نحن لا نقول بوقوع السحر على النبي (صلى الله عليه وآله) ونستعيذ بالله من ذلك، وهذه تهمة الظالمين، فقد قال تعالى: ﴿إِذۡ يَقُولُ ٱلظَّٰلِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلٗا مَّسۡحُورًا﴾ [الإسراء: 47]

وقد قال المجلسي: ((المشهور بين الامامية عدم تأثير السحر في الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وأولوا بعض الأخبار الواردة في ذلك، وطرحوا بعضها، وقد أشار إليه الراوندي رحمه الله فيما سبق )). بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ١٨ - الصفحة ٧٠

الجواب النقضي

قال ابن القيم: ((ومن أنفع علاجات السِّحر: الأدوية الإلهيَّة. بل هي أدويته النَّافعة بالذَّات، فإنَّه من تأثيرات الأرواح الخبيثة السُّفليَّة. ودفعُ تأثيرها يكون بما يعارضها ويقاومها من الأذكار والآيات والدَّعوات الَّتي تُبطل فعلها وتأثيرها، وكلَّما كانت أقوى وأشدَّ كانت أبلغ في النُّشرة. وذلك بمنزلة التقاء جيشين مع كلٍّ منهما عُدَّته وسلاحه، فأيُّهما غلب الآخرَ قهَرَه، وكان الحكم له. فالقلب إذا كان ممتلئًا من الله مغمورًا بذكره، ‌وله ‌من ‌التَّوجُّهات ‌والدَّعوات والأذكار والتَّعوُّذات وردٌ لا يخلُّ به يطابق فيه قلبه لسانه= كان هذا من أعظم الأسباب الَّتي تمنع إصابة السِّحر له، ومن أعظم العلاجات له بعد ما يصيبه. وعند السَّحرة: أنَّ سحرهم إنَّما يتمُّ تأثيره في القلوب الضَّعيفة المنفعلة والنُّفوس الشَّهوانيَّة الَّتي هي معلَّقةٌ بالسُّفليَّات. ولهذا غالبُ ما يؤثِّر في النِّساء والصِّبيان والجهَّال وأهل البوادي، ومَن ضعُف حظُّه من الدِّين والتَّوكُّل والتَّوحيد، ومن لا نصيب له من الأوراد الإلهيَّة والدَّعوات» والتَّعوُّذات النَّبويَّة. وبالجملة، فسلطان تأثيره في القلوب الضَّعيفة المنفعلة الَّتي يكون ميلها إلى السُّفليَّات. قالوا: والمسحور هو الذي يعين على نفسه، فإنَّا نجد قلبه متعلِّقًا بشيءٍ كثيرَ الالتفات إليه، فيتسلَّط على قلبه بما فيه من الميل والالتفات. والأرواح الخبيثة إنَّما تتسلَّط على أرواحٍ تلقاها مستعدَّةً لتسلُّطها عليها، بميلها إلى ما يناسب تلك الأرواح الخبيثة، وبفراغها من القوَّة الإلهيَّة، وعدم أخذها للعُدَّة الَّتي تحاربها بها؛ فتجدها فارغةً لا عدَّة معها، وفيها ميلٌ إلى ما يناسبها، فتتسلَّط عليها، ويتمكَّن تأثيرها فيها بالسِّحر وغيره. والله أعلم)). «زاد المعاد» ط عطاءات العلم (4/ 182و183).